مناطق الالتهاب في الدماغ منطقةٌ رمادية
كان يُعتقد تقليدياً أنّ التصلّب العصبي المتعدد هو حالة تؤثّر في المقام الأول على المادة البيضاء من الدماغ. غير أنّ هذا المفهوم شهد اعتراضاً في الآونة الأخيرة، إذ كشفت البحوث اليوم عن عملية ظهور مرض هام على وجه الاحتمال في المادة الرمادية.
Last updated: 8th July 2019
•يمكن تقسيم النسيج الدماغي إلى نوعين، المادة الرمادية (وتتكون أساساً من أجسام الخلايا العصبية ووصلاتها المتفرّعة) والمادة البيضاء (وهي المسالك الطويلة من الألياف العصبية المغطاة بغشاء الميالين).
•وقد كان مقدارٌ كبير من التركيز في دراسة التصلّب العصبي المتعدد منصبّاً تقليدياً على المادة البيضاء، غير أنّ أحد البحوث الجديدة يسلّط الضوء على الدور الذي يلعبه التلف في المادة الرمادية داخل الدماغ في حالة التصلّب العصبي المتعدد.
•ومن المحتمل أن يكشف هذا البحث عن عملية ظهور مرض جديد يتعلّق بالمناعة الذاتية في حالة التصلّب العصبي المتعدد ويهاجم الخلايا داخل المادة الرمادية .
يمكن تقسيم الأنسجة الدماغية تقريباً إلى نوعين، المادة الرمادية والمادة البيضاء. توجد معظم المادة الرمادية في الأجزاء الخارجية من الدماغ، بينما توجد المادة البيضاء في الأجزاء الداخلية. ولا عجب أن هاتين المنطقتين تحملان اسم لونهما الفعلي، المادة الرمادية ذات اللون الرمادي المائل إلى الوردي في الدماغ الحي، والمنطقة البيضاء ذات المظهر الأبيض.
لقد كان التصلّب العصبي المتعدد يُعتقد تقليدياً أنه مرض يظهر في المادة البيضاء، حيث إن هذه هي المنطقة التي يوجد فيها مسالك للألياف العصبية ميالينية، وفي حالة التصلّب العصبي المتعدد يُعرف أن جهاز المناعة يُهاجم غشاء الميالين الذي يغلّف الألياف العصبية الميالينية ويُتلفه. وقد انصبّ التركيز أكثر على المادة البيضاء إذ إنّ التلف في هذه المناطق يسهل تحديده في التصوير الرنيني المغنطيسي، وتُصنع النماذج التجريبية للتصلّب العصبي المتعدد بتوليد استجابةٍ مناعيّة ضد الميالين. ولكن في الآونة الأخيرة، بات من الواضح أن التصلّب العصبي المتعدد قد ينطوي على كلا المنطقتين البيضاء والرمادية، وقد تكون هناك آليّتان مختلفتان. توجد الآليّة الأولى حيثما يهاجم جهاز المناعة غشاء الميالين في المادة البيضاء ليخلق الآفات المعهودة للتصلّب العصبي المتعدد مثلما يُظهرها التصوير الرنيني المغنطيسي، وتتسبب الآلية الثانية في تلف الخلايا العصبية (العصبونات) بما يُفضي إلى انحلال عصبي في المادة الرمادية.
تُشير الأدلّة إلى أن هذا التلف الذي يلحق بالمادة الرمادية قد يكون مسؤولاً في المقام الأول عن الفقدان في الكتلة الدماغية لدى الأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المتعدد (الضمور الدماغي) وتراكُم أعراض التصلّب العصبي المتعدد. وهناك أيضاً دليلٌ على أن هذا التلف في المادة الرمادية قد يكون جليّاً أكثر لدى الأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المترقّي.
واليوم، تشير البحوث التي نشرتها مجموعة من العلماء الألمان في المجلة العلمية المرموقة “الطبيعة” (Nature) إلى أنّ جهاز المناعة لا يهاجم غشاء الميالين الذي يغلّف الألياف العصبية في المادة البيضاء فحسب، بل ويستهدف أيضاً مادة بروتينية توجد في المادة الرمادية تُسمّى نويّات البروتين الذوّابة-بيتا (بيتا-ساينوكلين)، وتوفّر بالتالي آليّةً يحدث بفعلها الانحلال العصبي في المادة الرمادية.
أظهر العلماء أن الأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المتعدد لا يحملون خلايا مناعية تطفو حول دمهم فحسب، والتي قد تهاجم الميالين، بل يحملون أيضاً خلايا مناعية قد تهاجم نويّات البروتين الذوّابة-بيتا (بيتا-ساينوكلين). وأظهروا أيضاً أن الأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المتعدد الانتكاسي الترددي قد يحملون خلايا أكثر قليلاً تستهدف الميالين، بينما يوجد لدى الأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المتعدد المترقّي مستويات أعلى نسبياً من الخلايا التي تستهدف نويّات البروتين الذوّابة-بيتا (بيتا-ساينوكلين).
وقد أوضح العلماء في نماذج تجريبية للتصلّب العصبي المتعدد أنه عند إضافة الخلايا المناعية التي تستهدف نويّات البروتين الذوّابة-بيتا (بيتا-ساينوكلين)، تمكنت من اختراق الحاجز الدموي الدماغي والتسبب في جيشان الأعراض. ومع ذلك، وجدوا أنه بعد فورات متعددة في الأعراض أن الخلايا المناعية في الدماغ أصبحت نشِطة على نحو مستمر، وقد تُفضي على وجه الاحتمال إلى هجوم متواصل على الخلايا في هذا الجزء من الدماغ الذي قد يدفع بالمرض نحو مسار أكثر ترقّياً.
وإجمالاً، يُظهر هذا البحث أن هناك آليّات مرض إضافية في التصلّب العصبي المتعدد قد تكون أكثر نشاطاً في حالة التصلّب العصبي المتعدد المترقّي. وقد لا تفتح هذه المعلومات الجديدة مسارات جديدة فحسب في البحوث لتطوير الاختبارات الاستدلالية الفردية للتنبؤ بنتائج التشخيص الفردي، بل وفي التدابير العلاجية الجديدة على الأرجح للأشخاص المصابين بالتصلّب العصبي المتعدد وخصوصاً ذوي النوع المترقّي من المرض.
With thanks to MS Research Australia – the lead provider of research summaries on our website