نتائج مخيبة للآمال في تجربة لعلاج القصور الوريدي النخاعي المزمن (CCSVI).
يشير القصور الوريدي النخاعي المزمن (CCSVI) إلى حالة مرضية قد يقل فيها تدفق الدم في الأوردة الرئيسية وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف الدم من الدماغ والحبل الشوكي بمرور الوقت.
Last updated: 13th December 2017
القصور الوريدي النخاعي المزمن هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى حالة مرضية قد يقل فيها تدفق الدم في الأوردة الرئيسية وهو ما قد يؤدي إلى استنزاف الدم من الدماغ والحبل الشوكي بمرور الوقت. وقد وصفت الحالة لأول مرة كعامل مساهم محتمل في التصلب المتعدد من قبل الطبيب الإيطالي الدكتور زمبوني عام 2009.
وقد أثارت النتائج التي توصل إليها الدكتور زمبوني قدرًا كبيرًا من الاهتمام والأمل بين مرضى التصلب المتعدد في أن يكون ذلك عاملاً مساهمًا في ظهور التصلب المتعدد أو أعراضه، وقابلاً للعلاج على وجه الاجتمال. وكانت هذه النتائج الدافع وراء إجراء مجموعة ضخمة من الأبحاث، لكن المحاولات التي جرت لتكرار هذه النتائج بشكل مستقل لم تحقق نجاحًا. وعلى وجه الخصوص، فإنّ الدراسات الكبرى التي موّلتها الجمعية الأمريكية لأبحاث التصلب المتعدد والجمعية الكندية لأبحاث التصلب المتعدد، وكذلك الدراسة الإيطالية الموسّعة للغاية التي حملت اسم دراسة CoSMo، توصلت إلى أن الأجسام الغريبة الموجودة في التصريف الدموي من الدماغ والحبل الشوكي لم تكن أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون من التصلب المتعدد بالمقارنة بمن يعانون من حالات عصبية أخرى أو الأشخاص الطبيعيين.
ومع ذلك، تم البدء بعدد من التجارب التي كان الهدف منها دراسة أثر علاج الانسدادات الوريدية في الحد من نشاط مرض التصلب المتعدد أو الحد من أعراض المرض.
وقد نشر الدكتور زمبوني وزملاؤه نتائج تجربتهم السريرية التي أُجريت في ستة مراكز في إيطاليا، والتي حملت اسم Brave Dreams (أحلام جريئة) (الاستفادة من التصريف الوريدي الدماغي في مكافحة التصلب المتعدد)، في دورية JAMA Neurology.
وقد كانت عبارة عن تجربة مزدوجة التعمية بمجموعة تجربة للعلاج ومجموعة مراقبة بالعلاج الوهمي (placebo) لاختبار سلامة وكفاءة طريقة توسيع الوريد بالبالون (القسطرة) (PTA) لعلاج التصلب المتعدد. ويتضمن هذا الإجراء العلاجي إدخال أداة جراحية دقيقة مزوّدة ببالون مفرغ مثبت في طرفها، في أوردة الفخذ. ويُدفع البالون بعد ذلك إلى داخل الجسم إلى الأوردة المفردة والوداجية في الرقبة، حيث يُنفخ البالون وهو ما يؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية وربما عودة الدم إلى التدفق.
وقد تم فرز 177 مريضًا من مرضى التصلب المتعدد للتأكد من أهليتهم للتجربة. ومن بين هؤلاء، جرى استبعاد 47 مريضًا حيث لم يكن هؤلاء يعانون من القصور الوريدي النخاعي المزمن، وقبول الـ 115 مريضًا الباقين. بعد ذلك، تم توزيع المشاركين عشوائيًا بنسبة عددية 1:2 بين مجموعة علاجية تخضع للعلاج بتوسيع الوريد بالبالون (76 مريضًا)، ومجموعة تخضع للعلاج الكاذب (sham) (39 مريضًا) حيث كان يتم إدخال القثطار ولكن مع عدم نفخ البالون. وتُعد الجراحة الوهمية أو الكاذبة محاكاة للتدخل الجراحي تُحذف فيها الخطوة محل للدراسة. ويُعد هذا النوع من الجراحة إجراءً علميًا هامًا لإظهار فعالية العلاج.
وقد كانت كل من مجموعتي العلاج والمراقبة متشابهتين بدرجة كبيرة من حيث السمات الديموغرافية والمَرضية، باستثناء وجود عدد أكبر قليلاً من السيدات وفترة مرض أطول قليلاً في مجموعة المراقبة. وفي كلتا المجموعتين، كان أغلبية المرضى يعانون من التصلب المتعدد الانتكاسي الارتجاعي، مع وجود عشرة أشخاص يعانون من التصلب المتعدد الثانوي التصاعدي في المجموعة العلاجية وخمسة يعانون منه في مجموعة المراقبة.
وتمّت متابعة المرضى لمدة 12 شهرًا بعد العلاج، وتقييمهم باستخدام طريقتي قياس رئيسيتين؛ الأولى هي نقطة نهاية وظيفية، شملت علامة إجمالية مجمعة من القدرة على السير، والتوازن، وعمل المثانة، والتنسيق بين حركة العينين واليدين. والثانية هي عدد المواضع المتضررة في الجهاز العصبي المركزي حسب ما يظهر في صورة الرنين المغناطيسي (MRI).
وقد أكمل التجربة 109 مرضى وجرى تقييمهم حسب النتائج الوظيفية. وفي المجموعة العلاجية، وجد أن 41% من المرضى تحسنت حالتهم وفق مجموعة من الفحوصات الوظيفية، بينما بلغت نسبة من تحسنت حالتهم في مجموعة المراقبة 49%. كما أُجري تحليل إحصائي إضافي بالاعتماد على المقاييس الفردية المختلفة في الفحوصات الوظيفية المجمعة، ولكن لم تُرصد اختلافات هامة من الناحية الإحصائية.
كما لم يرصد الباحثون أي اختلاف كبير من الناحية الإحصائية بين المجموعتين في عدد المواضع المتضررة الجديدة أو المتضخمة في صورة الرنين المغناطيسي بعد مرور 12 شهرًا. وفي المتوسط، تمت ملاحظة 1.4 موضعًا متضررًا جديدًا لدى المرضى الذين تلقوا العلاج بالمقارنة بـ 1.95 لدى أولئك الذين تلقوا العلاج الكاذب. لكن الفريق أشار إلى أنه عند فحص المواضع المتضررة في فترتي 0-6 أشهر و6-12 شهرًا بعد العلاج، كان عدد المواضع المتضررة في الستة أشهر الثانية بعد العلاج بتوسيع الوريد بالبالون أقل قليلاً بالمقارنة بحالات العلاج الكاذب.
وقد ذكر الباحثون أن هذه النتيجة ربما يمكن عزوها إلى التغيرات في الحاجز الدموي الدماغي بعد العلاج، لكن الدراسة لم تُجرى بطريقة يمكن معها ضمان صحة هذه الفرضية.
وقد لاحظ الدكتور زمبوني وزملاؤه أنه لم يتمكن جميع المرضى الذين تم علاجهم بتوسيع الوريد بالبالون من استعادة تدفق الدم بنجاح بعد العلاج، لكن بالرغم من ذلك استنتجوا أنه في حين تشير نتائجهم إلى أن إجراء توسيع الوريد بالبالون إجراء آمن، إلا أن “الإجراء لا يمكن التوصية به لعلاج المرضى المصابين بالتصلب المتعدد؛ ولم تكن هناك حاجة لدراسات سريرية أخرى مزدوجة التعمية.”
وبالرغم من أن عدد المرضى المشاركين في هذه التجربة صغير نسبيًا، إلا أن النتائج تتماشى مع نتائج الدراسات السريرية المرحلية التي أسفرت عنها دراسة كندية تم الكشف عنها في وقت مبكر من هذا العام، وهي الدراسة التي فحصت إجراء توسيع الوريد بالبالون في 104 مرضى وتوصلت إلى عدم نجاعته في علاج التصلب المتعدد.
منذ تعريفه الأول، بُذلت جهود بحثية كبيرة على المستوى العالمي للتوصل إلى فهم أفضل للعلاقة بين القصور الوريدي النخاعي المزمن والتصلب المتعدد. وقد تم خلال هذه الدراسة تقييم القصور الوريدي النخاعي المزمن باستخدام المعيار العالمي لتقييم العلاجات المحتملة، والذي يتمثل في تجربة عشوائية مزدوجة التعمية. وللأسف، لا تدعم النتائج هذا الأمر كعلاج ناجع للتصلب المتعدد.
شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.