التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب - اختبار العلاقة بينهما
يتناول هذا المقال بمزيد من التفصيل موضوع الجينات وتوضيح طريقة "العشوائية المندلية" التي يستعين العلماء بها لمعرفة المزيد عن الصلة بين الجينات وحدوث المرض.
Last updated: 3rd June 2021
الاكتئاب والتصلّب العصبي المُتعدّد
يعد الاكتئاب من الأعراض شائعة الحدوث بين الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد. توصلت إحدى الدراسات1 إلى تزايد شعور شخص ما يتعايش مع التصلّب العصبي المُتعدّد بالاكتئاب بنسبة أكبر تصل إلى 70% مقارنةً بعدد السكان الإجمالي. يبدو أن هناك علاقة بين التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب ولكن طبيعة هذه العلاقة غير واضحة. يوجد تداخل بين الأعراض: مشابهة للاكتئاب حيث يمكن ان يتسبب التصلّب العصبي المُتعدّد في الشعور بالتعب وحدوث صعوبات في التركيز واضطرابات النوم وتغيرات على الشهية أو الوزن. كما يوجد أيضاً تداخل في منشئ التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب. يلخص هذا المقال جهود المجموعة السويدية الرامية لفك التشابك وتوضيح العلاقة بين التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب وشرح الطريقة التي يستخدمونها لعمل ذلك.
العشوائية المندلية – النظر إلى البطاقات الموجودة لدينا
عند مولدنا، نرث جيناتنا من آبائنا. تحدث في هذه الجينات أخطاء أو متغيرات في جميع الأوقات، ويكون البعض منها مفيداً مثل تقليل فرص إصابتنا بمرض معين. ومن ناحية أخرى، يكون بعضها غير ضار بالصحة مثل التأثير على التذوق أو القدرة على التعامل مع الأطعمة الحارّة. بينما قد تُزيد بعض الأخطاء أو المتغيرات الأخرى من مخاطر تعرضنا للمرض. يمكن أن تتأثر أيضاً احتمالية إصابتنا بمرض ما بالتغيرات التي تطرأ على البيئة مثل وقوع حدث يسبب الإجهاد أو وجود مزيج بين الجينات والبيئة.
عند التفكير في المتغيرات الجينية، من المهم تذكر أن بعض المتغيرات يمكن أن تؤثر على وظائف عديدة في الجسم البشري، بينما تؤثر متغيرات أخرى على خاصية واحدة فقط. إذا كان من المرجح أن يؤثر متغير ما على خاصية واحدة فقط، فيمكننا الاستفادة من هذا الأمر لصالحنا. نستطيع استخدام ذلك لدراسة السبب والتأثير، بمعنى إذا كانت هذه المتغيرات الجينية يمكن أن تتسبب في التعرض للإصابة بمرض معين أم لا. يمكن تحقيق ذلك من خلال طريقة “العشوائية المندلية”. بدايةً، لا تدع هذا الاسم المعقد يفقدك الاهتمام بالأمر، لأن هذه الطريقة تقوم ببساطة بتجميع الأشخاص بناء على المتغيرات الموجودة لديهم مع تجنب العوامل التي لا يمكننا التحكم بها مثل البيئة.
هل يمكن أن تساعدنا “العشوائية المندلية” على فهم طبيعة العلاقة بين الاكتئاب والتصلّب العصبي المُتعدّد؟
عملت مجموعة في معهد كارولينسكا بالسويد من أجل فهم الرابط بين الاكتئاب والتصلّب العصبي المُتعدّد. كانوا يرغبون في التأكد مما إذا كانت دراسة الجينات بمكن أن تؤدي لتوضيح سبب انتشار الاكتئاب بين الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد. وكانت الأسئلة التي طرحوها هي: “هل يمكن أن تؤدي المتغيرات الجينية المرتبطة بالتصلّب العصبي المُتعدّد إلى الشعور بالاكتئاب؟ أو إذا كان العكس صحيحاً، بمعنى هل تتسبب المتغيرات الجينية المرتبطة بالاكتئاب في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد؟” وللوصول إلى إجابة على أسئلتهم، استخدموا طريقة العشوائية المندلية لفهم طبيعة هذه العلاقة، مع التركيز على المخاطر الناجمة عن المتغيرات فقط دون النظر إلى العوامل البيئية الأخرى.
ألقى الفريق السويدي نظرة على البيانات الموجودة في دراستين كبيرتين للجينات: واحدة منها تركز على التصلّب العصبي المُتعدّد بينما تركز الدراسة الأخرى على اضطرابات الاكتئاب الكبير. يبحث هذا النوع من الدراسات في المتغيرات الجينية لدى الآلاف من الأشخاص. إذا كانت المتغيرات أكثر شيوعاً في الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد مقارنةً بالأشخاص من غير ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد، فيمكن أن يساهم ذلك المتغير في زيادة مخاطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. ومن بين مئات الآلاف من الأشخاص المشاركين في الدراستين، توصل الفريق لوجود 168 متغيراً له علاقة بالتصلّب العصبي المُتعدّد و96 متغيراً يرتبط بمخاطر الشعور بالاكتئاب. وبعد ذلك، استخدموا طريقة العشوائية المندلية للوصول لإجابة قاطعة على سؤال هل التصلّب العصبي المُتعدّد يتسبب في الإصابة بالاكتئاب أم العكس.
وكان الشيء المثير للاهتمام هو أن المجموعة السويدية لم تجد أي صلة جينية بين التصلّب العصبي المُتعدّد ومخاطر الإصابة بالاكتئاب.
فعلى الرغم من تزايد مخاطر الإصابة بالاكتئاب لدى الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد، تبيّن النتيجة التي توصل إليها الفريق إلى عدم قدرتنا على إثبات وجود صلة بين التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب عن طريق المتغيرات الجينية بمفردها. يبدو أيضًا وجود عوامل أخرى مثل البيئة تلعب دوراً في توضيح هذه العلاقة.
الاستنتاج
في حال وجود اضطرابات بالدماغ مثل التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب، تتداخل عوامل مثل الجينات والبيئات المحيطة والأعراض مع بعضها مما يصعب فك التشابك والوصول إلى منشأها. نحتاج إلى مزيد من الدراسات لتوضيح العلاقة بين التصلّب العصبي المُتعدّد والاكتئاب، وربما تساهم طريقة العشوائية المندلية في حل هذه المسألة دون التحيز لطرف على حساب الآخر.
الحصول على مساعدة
يُعدّ الاكتئاب من الأعراض الشائعة بين الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد. إذا كنتم تعتقدون أنكم تعانون من الاكتئاب، يمكنكم التواصل مع أحد المتخصصين وأفراد العائلة و/ أو الأصدقاء. قد يكون التحدث بصراحة وشرح حالتكم أمراً صعباً، ولكنه أفضل طريق للتعافي من هذه المشكلة. يمكنكم التحكم في الاكتئاب وتلقي المساعدة في كل مكان.
الجينات: تحمل الجينات المعلومات التي تحدد صفاتكم ووظائف أجسامكم، والميزات أو السمات التي ترثونها من آبائكم. تشفر الجينات تعليمات لتكوين جزيئات تسمى البروتينات.
المخاطر الجينية هي احتمالية متزايدة للإصابة بخاصية أو مرض بناء على جينات الفرد. وقد يرجع السبب في ذلك إلى جين واحد فحسب أو مزيج من الجينات.
اضطرابات الاكتئاب الكبير، والذي يُعرف أيضًا باسم “الاكتئاب السريري”، هي حالة طبية يُعتد بها تؤثر على عدة جوانب من حياة الفرد. فهي تؤثر على الحالة المزاجية والسلوك والوظائف الجسمانية المختلفة بما فيها النوم والشهية.