هذا هو النص الكامل لبيان معلومات الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد بشأن فيروس إبشتاين بار والتصلّب العصبي المُتعدّد. للاطلاع على الملخّص المكون من صفحة واحدة، يرجى الرجوع إلى هذه الصفحة.

ما هو فيروس إبشتاين بار؟

فيروس إبشتاين بار (EBV) هو واحد من أكثر الفيروسات شيوعًا التي تصيب البشر. تعرض ما يصل إلى 95% من الأشخاص في جميع أنحاء العالم للإصالة بفيروس إبشتاين بار والذي ينتقل عن طريق سوائل الجسم مثل اللعاب. غالبًا ما تحدث الإصابة بفيروس إبشتاين بار خلال مرحلة الطفولة المبكرة أو البلوغ. يمكن أن تكون عدوى فيروس إبشتاين بار غير مصحوبة بظهور أعراض أو يمكن أن تتسبب في كثرة الوحيدات العدوائية، والمعروفة أيضا باسم حُمى الغدد. من المرجح أن تحدث كثرة الوحيدات العدوائية عند الإصابة بعدوى فيروس إبشتاين بار في مرحلة المراهقة المتأخرة أو مرحلة البلوغ المبكر.

يصيب فيروس إبشتاين بار الخلايا البائية لدى البشر (نوع من خلايا الدم البيضاء؛ الخلايا الليمفاوية) ثم يتحول إلى وضع الكمون، مما يعني أنه يبقى في الخلايا حتى مع عدم تسببه في ظهور أي أعراض. في هذه المرحلة، يقلل الفيروس من نشاطه، مما يسمح له بالتهرب من الترصد المناعي للمضيف. وبالتالي، بمجرد أن يعاني شخص ما من عدوى فيروس إبشتاين بار (حتى مع عدم ظهور أي أعراض عليه)، فإن الفيروس يكون قد أصاب الخلايا البائية مدى الحياة. ينشط فيروس إبشتاين بار داخل الخلية البائية المصابة من وقت لآخر، وينشر الأشخاص فيروس إبشتاين بار من خلال لعابهم، وبالتالي يتعرض الآخرون للإصابة به. هذا هو السبب في أن عدوى فيروس إبشتاين بار منتشرة على نطاق واسع.

فيروس إبشتاين بار باعتباره أحد عوامل الخطورة للتصلّب العصبي المُتعدّد ومحفز محتمل للإصابة بالمرض

هل يتسبب فيروس إبشتاين بار في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد؟ هل الأفراد الذين تعرضوا لعدوى فيروس إبشتاين بار يمكن أن يصابوا بالتصلّب العصبي المُتعدّد تلقائيًا؟

تتم الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد على الأرجح بسبب مزيج من عوامل الخطورة الوراثية وحالات التعرض البيئية والتي تشمل فيروس إبشتاين بار والتدخين ونقص مستويات فيتامين “د”) (إما بسبب قلة التعرض للأشعة فوق البنفسجية (الموجودة بأشعة الشمس) أو قلة جرعة فيتامين “د” التي يتم تناولها في النظام الغذائي)، والسمنة في مرحلتي الطفولة والبلوغ.

تعرض 99% من الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد على الأقل للإصابة بفيروس إبشتاين بار، لكن أكثر من 90% من مجتمعهم أصيبوا أيضًا. معظم الأشخاص المصابين بعدوى فيروس إبشتاين بار لا يتعرضون للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، مما يعني أن فيروس إبشتاين بار وحده غير كاف للتسبب في التصلّب العصبي المُتعدّد. ومع ذلك، فمن النادر لأقصى حد أن يصاب الشخص بالتصلّب العصبي المُتعدّد دون التعرض للإصابة بفيروس إبشتاين بار في وقت سابق. يكون خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد أعلى لدى الأفراد الذين أصيبوا بكثرة الوحيدات العدوائية السريري، وهو الأمر الذي يوحي بأن العدوى بفيروس إبشتاين بار قد تلعب دورًا في هذه المجموعة الفرعية صغيرة الحجم من الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد.

الدليل على أن فيروس إبشتاين بار يعتبر أحد عوامل الخطورة للتصلّب العصبي المُتعدّد

كان الدليل الأكثر إقناعًا الذي يربط بين خطر عدوى فيروس إبشتاين بار والتصلّب العصبي المُتعدّد هو دراسة أجريت على 10 ملايين شخص خدموا فعليًا في الجيش الأمريكي، تم تشخيص حالة 801 شخصًا منهم على أنه التصلّب العصبي المُتعدّد، كما قاموا بتخزين عينات قابلة للتحليل كل عامين منذ تاريخ التحاقهم بالجيش. كانت نتيجة تحليل فرد واحد فقط من مجموع 801 فردًا المشار إليهم والذين تم تشخيص حالتهم على أنها تصلّب عصبي مُتعدّد سلبية لفيروس إبشتاين بار. ومن بين 35 شخصًا من ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد الذين كانت عينة الدم الأولى لديهم سلبية، أصيب جميعهم بفيروس إبشتاين بار باستثناء شخص واحد فقط قبل ظهور التصلّب العصبي المُتعدّد لديهم (عادةً قبل حوالي 5 سنوات). وبشكل عام، أدت عدوى فيروس إبشتاين بار إلى زيادة خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد بمقدار 32 ضعفًا مقارنة بالأفراد العسكريين المتطابقين في العمر الذين لم يصابوا بعدوى فيروس إبشتاين بار. لم يكن هناك فرق في معدلات الإصابة بالفيروس المضخم للخلايا (CMV)، وهو فيروس مشابه لفيروس إبشتاين بار ولكن من المعروف أنه لا يرتبط بالتصلّب العصبي المُتعدّد.

درس الباحثون أيضًا العلامات الحيوية في الدم المقترنة بحدوث إصابة في نسيج الدماغ (وهو الأمر الذي يحدث في الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد بسبب مهاجمة الجهاز المناعي للدماغ). هناك أحد العلامات الحيوية الرئيسية وهي السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية الدقيقة في مصل الدم (sNfL) زادت فقط بعد الإصابة بفيروس إبشتاين بار، وفي الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد الذين ثبتت إيجابية عينتهم وإصابتهم بعدوى فيروس إبشتاين بار فقط. لم يظهر على العسكريين الذين أصيبوا بعدوى فيروس إبشتاين بار ولم يكن لديهم التصلّب العصبي المُتعدّد، زيادة في السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية الدقيقة في مصل الدم. كانت حقيقة أن عدوى فيروس إبشتاين بار قد حدثت قبل زيادة مستويات السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية الدقيقة في مصل الدم أمرًا مهمًا. تشير هذه النتيجة إلى أن إصابة الدماغ الناجمة عن التصلّب العصبي المُتعدّد (والمرتبطة بمستويات عالية من السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية الدقيقة في مصل الدم) لم تحدث قبل الإصابة بفيروس إبشتاين بار، مما يشير إلى أن عدوى فيروس إبشتاين بار كانت شرطًا مسبقًا مهمًا للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، مما يجعل من غير المرجح أن يكون التصلّب العصبي المُتعدّد من عوامل التعرض للإصابة بعدوى فيروس إبشتاين بار.

في دراسة منفصلة أجريت على 670 مشاركًا من السويد، تم استخدام عينات دم الأفراد المأخوذة على مدى عدة سنوات لمقارنة الأشخاص الذين استمروا في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد مع أولئك الذين لم يصابوا به. الأشخاص الذين أصيبوا بالتصلّب العصبي المُتعدّد كانوا مصابين بعدوى فيروس إبشتاين بار قبل 15 إلى 20 عامًا من تشخيص التصلّب العصبي المُتعدّد. قام الباحثون أيضا بقياس الزيادة في مستويات السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية الدقيقة في الدم قبل فترة من 5 إلى 10 سنوات من ظهور التصلّب العصبي المُتعدّد – ولكن بعد الإصابة بعدوى فيروس إبشتاين بار.

ولإثبات أن فيروس إبشتاين بار يعد واحدًا من المسببات الرئيسية للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، نحتاج إلى ما هو أكبر من دليل قوي للغاية من أجل الربط بين عدوى فيروس إبشتاين بار بخطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. نحن الآن بحاجة إلى فهم أثر عدوى فيروس إبشتاين بار على جهاز المناعة، وكيف يساهم ذلك في هجوم المناعة على الدماغ والأعصاب البصرية والحبل الشوكي وهو الأمر الذي يعد من الجوانب الأساسية للتصلّب العصبي المُتعدّد.

وحتى إذا استطاع الباحثون إثبات أن فيروس إبشتاين بار عنصرًا ضروريًا للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، فإننا نعلم أن فيروس إبشتاين بار وحده غير كاف للتسبب في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد وذلك لأن معظم الأشخاص الذين تعرضوا للعدوى بفيروس إبشتاين بار لا يصابون بالتصلب. يظل هناك عدد كبير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها حتى الآن. لماذا يمكن أن يتعرض بعض الأشخاص المصابين بفيروس إبشتاين بار للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، بينما لا يصاب الآخرون به؟ وكيف يتفاعل فيروس إبشتاين بار مع عوامل الخطورة الأخرى؟ من غير الواضح ما إذا كانت العوامل الوراثية أو البيئية تتكاتف مع فيروس إبشتاين بار أو إذا كانت هذه العوامل تعمل بشكل مستقل لزيادة خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد بشكل عام.

كيف يعمل فيروس إبشتاين بار على تحفيز الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد؟

لم ننجح في إدراك الآلية التي من المحتمل أن يستخدمها فيروس إبشتاين بار كي يتسبب في أو “يحفز” الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد بصورة كاملة حتى الآن، ولا يزال البحث جاريًا للوصول إلى إجابة شافية على هذا السؤال.

التمويه الجزيئي – إحدى الآليات المحتملة

عندما يصاب شخص ما بفيروس إبشتاين بار، يستجيب جهاز المناعة عن طريق إنتاج الأجسام المضادة والخلايا المناعية المنشطة للمساعدة في محاربة الفيروس. في بعض الأشخاص، قد تكون الاستجابة المناعية لفيروس إبشتاين بار غير طبيعية وتهاجم أنسجة الجسم نفسها. هناك جزء من فيروس إبشتاين بار يسمى مستضد إبشتاين بار النووي 1 (EBNA1) يشبه جزيئًا موجودًا في الدماغ يُعرف باسم GlialCAM. لذا، قد تتعرف الأجسام المضادة التي تم إنشاؤها لمكافحة EBNA1 بشكل خاطئ على GlialCAM وبالتالي تصبح أجساما مضادة ذاتية (أجسام مضادة ضد الجسم). وبدلاً من التعرف على الفيروس بهدف تدميره، يتعرف جهاز المناعة أيضًا على جزء من الدماغ ويهاجمه عن طريق الخطأ. وهذا ما يسمى التمويه الجزيئي.

إعادة تنشيط فيروس إبشتاين بار الذي لا يمكن السيطرة عليها

يحتوي جهاز المناعة على آليات أمان مدمجة تتولى عادةً تدمير الخلايا المناعية عندما تهاجم أنسجة الجسم عن طريق الخطأ. وبالرغم من ذلك، يصيب فيروس إبشتاين بار الخلايا البائية ويعيد برمجتها كي تسمح للفيروس بالبقاء داخل الخلية البائية (وهو ما يطلق عليه مصطلح “العدوى الكامنة”). عندما ينشط الفيروس من وقت لآخر، تحدث عدة أشياء. لا تتكاثر الخلايا البائية المصابة بفيروس فيروس إبشتاين بار وحدها، بل قد تتفاعل أيضًا مع الأنسجة التي تشبه بروتينات فيروس إبشتاين بار (كما هو مذكور في قسم “التمويه الجزيئي”). وعلاوة على ذلك، يؤدي وجود الخلايا البائية المصابة بفيروس إبشتاين بار إلى تحفيز الخلايا المناعية الطبيعية لتقوم بالاستجابة بدورها، مما يخلق نظامًا مناعيًا نشطًا بصورة متزايدة – وقد يؤدي في النهاية إلى زيادة النشاط المناعي بصورة أكبر في دماغ الشخص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد.

كيف يمكن أن تلعب العوامل الوراثية للشخص وبيئته دورًا في هذا الصدد

وكما ذكر فيما سبق، وفي حين أن جميع الأشخاص يكونون مصابين تقريبًا بفيروس إبشتاين بار على مدار حياتهم، فإن عددًا صغيرًا منهم فقط يصابون بالتصلّب العصبي المُتعدّد. يعني ذلك وجود عوامل أخرى بخلاف فيروس إبشتاين بار تلعب دورًا في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. تتحكم بعض الجينات المعينة، مثل تلك التي تقوم بإنتاج بروتينات تسمى مستضدات الكرات البيضاء البشرية (HLA)، في الطريقة التي يتفاعل بها جهاز المناعة لدينا مع العناصر التي تهاجم الجسم. قد تؤثر جينات أخرى على البروتينات المرتبطة بفيروس إبشتاين بار. هذه الجينات مهمة للغاية لأنها تؤثر على عملية “التمويه الجزيئي”. في بعض الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد، قد يتغير جزء من المنطقة التي تتعرف على بروتينات فيروس إبشتاين بار، مما يقلل من قدرة جهاز المناعة على التصدي لفيروس إبشتاين بار.

هل يمكننا منع التصلّب العصبي المُتعدّد عن طريق التطعيم ضد فيروس إبشتاين بار؟

هناك جهود قائمة لتطوير لقاحات قد تكون قادرة على الوقاية من عدوى فيروس إبشتاين بار أو الحد منها إذا تم توفيرها للأشخاص. لمعرفة ما إذا كانت لقاحات فيروس إبشتاين بار قادرة على منع التصلّب العصبي المُتعدّد أو الحد منه، يلزم إجراء دراسة موسعة للقاح فيروس إبشتاين بار. تتطلب هذه الدراسة تطعيم جميع الأشخاص مع وضع مراقبة دقيقة لهم على مدى من 20 إلى 40 عامًا من أجل تحديد ما إذا كان معدل التصلّب العصبي المُتعدّد ينخفض أم لا.

إذا أثبت اللقاح فعاليته في القضاء على فيروس إبشتاين بار لدى عدد كبير من الأشخاص، وكان فيروس إبشتاين بار مرتبطًا بعلاقة سببية بالتصلّب العصبي المُتعدّد، فيجب أن نلاحظ حدوث انخفاض في عدد الأشخاص الذين يتم تشخيص حالتهم على أنها تصلّب عصبي مُتعدّد. ومع ذلك، إذا نجحت تجارب لقاح فيروس إبشتاين بار في القضاء عليه لدى عدد كبير من الأشخاص، وكان فيروس إبشتاين بار ليس هو عامل الخطر الوحيد المرتبط بالإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، يظل هناك انخفاض في عدد الأشخاص الذين يصابون بالتصلّب العصبي المُتعدّد ولكن لن يتم منع جميع حالات التصلّب العصبي المُتعدّد.

يتسم هذا النوع من الدراسات بالصعوبة، حيث يجب أن يتم خلالها تطعيم الأفراد قبل إصابتهم بفيروس إبشتاين بار، مما يعني أن الدراسات يجب أن تبدأ على الأطفال أو المراهقين والذين تتم متابعتهم بعد ذلك لعشرات السنين بعد الحصول على اللقاح. ونظرًا لأن معظم الأشخاص المصابين بفيروس إبشتاين بار لا يصابون بالتصلّب العصبي المُتعدّد، فيجب أن تتم هذه الدراسة على نطاق واسع للغاية. إذا تم اختيار الأشخاص المعرضين لخطر التصلّب العصبي المُتعدّد، مثل أفراد عائلات الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد، فقد يكون نطاق الدراسة أصغر ولكن نظرًا لأن (1) خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد يوجد لدى 3 إلى 5% فقط في الأطفال الذين يكون آبائهم من ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد، فستظل هناك حاجة إلى تسجيل عدد كبير جدًا من الأطفال؛ (2) سيتم تضخيم مساهمة العوامل الوراثية في خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد في مثل هذه الدراسة بحكم تضمين التصلّب العصبي المُتعدّد العائلي فقط وبالتالي قد لا تنطبق النتائج على جميع الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد.

أشارت المرحلة الثانية من تجربة سريرية أجريت على لقاح فيروس إبشتاين بار في عام 2007 إلى شدة أعراض حالة كثرة الوحيدات العدوائية، لكنها لم تمنع عدوى فيروس إبشتاين بار. أدى التقدم التقني للقاحات mRNA أثناء جائحة كوفيد-19 على مستوى العالم إلى قيام شركات مثل Moderna ببدء المرحلة الأولى من التجارب ضد فيروس إبشتاين بار. ومن المتوقع أن تكتمل دراسة مدى سلامة لقاح Moderna في عام 2025. وفي حال نجاح هذه التجارب، فستظهر الحاجة إلى دراسات متابعة لتحديد ما إذا كان اللقاح فعالاً في الوقاية من عدوى فيروس إبشتاين بار أم لا.

لا يتفق جميع الباحثين مع نهج التطعيم ضد فيروس إبشتاين بار كنوع من الوقاية، حيث أشار عدد منهم إلى أن التطعيم ضد فيروس إبشتاين بار في مرحلة الطفولة يمكن أن يكون له تأثير ويتسبب في تأخير عدوى فيروس إبشتاين بار إلى مرحلة المراهقة، وذلك إذا لم يؤد اللقاح إلى وجود مناعة كاملة ضد فيروس إبشتاين بار. وفي هذا الصدد، يجب مراعاة إن تأخير عدوى فيروس إبشتاين بار إلى مرحلة المراهقة أو البلوغ المبكر، وهي الأعمار التي يكون فيها الناس أكثر عرضة للإصابة بكثرة الوحيدات العدوائية، يمكن أن يُزيد في الواقع من خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد.

فيروس إبشتاين بار باعتباره محفزًا للإصابة بالمرض

توجد أدلة متزايدة على أن فيروس إبشتاين بار قد يكون أحد الاسباب المحتملة التي تساهم في الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، لكن دوره كمحفز مستمر للمرض لم يتضح حتى الآن. بمعنى آخر ، يدرس الباحثون ما إذا كان فيروس إبشتاين بار هو أيضا المحفز الذي يجعل المرض يستمر في نشاطه، بالإضافة إلى بدئه. يتم إجراء دراسات لفهم ما إذا كانت عدوى فيروس إبشتاين بار النشطة مرتبطة بنشاط التصلّب العصبي المُتعدّد المستمر أم لا، علاوة أيضًا على محاولة التعرف على الجزء من الجسم الذي ينشط فيه فيروس إبشتاين بار، وكيف تؤثر بعض العلاجات المُعدّلة للمرض على نشاط فيروس إبشتاين بار.

توصلت دراستان إلى وجود علاقة لدى الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد بين عدد الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار لديهم، ودرجة نشاط المرض، وضمور الدماغ (فقدان أو انكماش أنسجة الدماغ)، ونشاط الآفة (وجود مناطق جديدة أو نشطة من الالتهاب في الدماغ) التي يعانون منها.

علاج التصلّب العصبي المُتعدّد عن طريق استهداف فيروس إبشتاين بار على وجه التحديد

إذا كان فيروس إبشتاين بار يلعب دورًا مهمًا في زيادة الالتهاب في التصلّب العصبي المُتعدّد، فربما يكون استهداف نشاط فيروس إبشتاين بار لدى الأشخاص المصابين بعدوى فيروس إبشتاين بار استراتيجية علاجية جيدة

تشكل العلاجات المضادة للفيروسات إحدى الطرق المحتملة لاستهداف فيروس إبشتاين بار لدى الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد. وقد ثبت أن الدواء المضاد للفيروسات فالوماسيكلوفير فعال في تجارب كثرة الوحيدات العدوائية الناجم عن فيروس إبشتاين بار. إنه مضاد للفيروسات يخترق الحاجز الدموي الدماغي وبالتالي يمكنه الوصول إلى الدماغ والحبل الشوكي، وهو أمر مهم للغاية إذا كانت عدوى فيروس إبشتاين بار في الدماغ تلعب دورًا مهمًا في تحفيز التصلّب العصبي المُتعدّد المستمر.

تقوم شركة Atara Biotherapeutics الآن بإجراء المرحلة الثانية من تجربة سريرية تدرس علاجًا يبحث على وجه التحديد في الجسم عن الخلايا البائية المصابة بفيروس إبشتاين بار ويدمرها. يجري اختبار هذا العلاج على الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد المترقّي الأوّلي والثانوي. ومن المتوقع ظهور النتائج في شهر أكتوبر 2023

ومن الجدير بالذكر أن بعض العلاجات المُعدّلة للمرض المستخدمة حاليًا، مثل العلاجات المضادة التي تستهدف CD20 مثل أوكريليزوماب وأوفاتوموماب وأوبليتوكسيماب وريتوكزيماب، فعالة لأنها تبحث عن خلايا بائية معينة وتدمرها. يعتقد بعض الباحثين أن أحد أسباب فعالية هذه الأدوية هو قدرتها على قتل الخلايا البائية المصابة بفيروس إبشتاين بار، مما يقلل من هذا المحفز المحتمل للمرض.

هذه الأنواع من الدراسات التي تتناول كيفية تأثير الأدوية المختلفة على عدوى فيروس إبشتاين بار والتصلّب العصبي المُتعدّد ستقود أيضًا إلى فهم أفضل لطبيعة الدور المحتمل أن يلعبه فيروس إبشتاين بار في تحفيز المرض بمجرد أن يتم إطلاق نشاطه.

الملخّص الختامي

هناك الآن أدلة دامغة تؤكد وجود رابط بين عدوى فيروس إبشتاين بار وخطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. كما أن البيانات التي توضح أن عدوى فيروس إبشتاين بار يمكن أن تحدث قبل ظهور التصلّب العصبي المُتعدّد، تجعل من المرجح أن يكون وجود فيروس إبشتاين بار ضروريًا – ولكنه غير كاف – للتسبب في التصلّب العصبي المُتعدّد. توجد الآن مجالات مثيرة للحوار ومجالات بحثية صعبة في المستقبل تدرس ما إذا كانت لقاحات فيروس إبشتاين بار تعطي بارقة أمل في الحد من التصلّب العصبي المُتعدّد أو الوقاية منه أم لا.

وبالنسبة للأشخاص المتعايشين مع التصلّب العصبي المُتعدّد، يوجد مجالاً مهمًا آخر يرتبط بدراسة أثر فيروس إبشتاين بار على نشاط التصلّب العصبي المُتعدّد. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت إعادة تنشيط فيروس إبشتاين بار قد تحفز بعض أوجه تراجع الاستجابات المناعية في التصلّب العصبي المُتعدّد أم لا، وما إذا كانت استراتيجيات تعديل نشاط فيروس إبشتاين بار قد تقلل أيضًا من نشاط التصلّب العصبي المُتعدّد من عدمه.

وفي النهاية، يجب أن تراعي جميع الدراسات بشكل كامل طبيعة العلاقة الدقيقة بين فيروس إبشتاين بار وجهاز المناعة البشري. هل يمكن أن تكون هناك أي تبعات غير متوقعة للحد من عدوى فيروس إبشتاين بار في جميع أنحاء العالم، أو لتعديل سلوك فيروس إبشتاين بار في المضيف البشري؟

تصريحات أعضائنا عن فيروس إبشتاين بار

جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد الأسترالية (Australia)

جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد الكندية (Canada)

الجمعية الوطنية للتصلّب العصبي المُتعدّد (الولايات المتحدة الأمريكية) (USA)

جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في المملكة المتحدة (UK)

الجمعية الألمانية للتصلّب العصبي المُتعدّد (Germany)

المؤسسة الفرنسية لدعم أبحاث التصلّب العصبي المُتعدّد (France)